مجلة التدريب
www.Moias.org
التدريب والذكاء الاصطناعي: شراكة تصنع مدرباً أكثر تأثيراً
التدريب والذكاء الاصطناعي: شراكة تصنع مدرباً أكثر تأثيراً
التدريب
أضيف بواسطة NOOR

اعداد: أ. فاطمة محمد الابراهيم

المعهد العالي للخدمات الإدارية - قسم الإدارة المكتبية

     مع التطور السريع الذي يشهده عالم الأعمال، لم يعد دور المدرب مجرد نقل معرفة أو تقديم محتوى. اليوم أصبح المدرب مطالباً بفهم أدوات العصر، وفي مقدمتها الذكاء الاصطناعي، واستخدامها لتقديم تجربة تعلم أعمق وأكثر دقة. وفي الواقع فإن العلاقة بين التدريب والذكاء الاصطناعي لم تعد علاقة مستقبلية، بل أصبحت جزءاً من واقعنا اليومي داخل المؤسسات.

من واقع التجربة في قاعات التدريب، نلاحظ أن كثيراً من المتدربين يتعاملون بحذر مع التقنيات الحديثة، ليس خوفاً منها، بل لعدم وضوح فائدتها الحقيقية. وهنا يظهر دور المدرب. فالمدرب القادر على تبسيط الأدوات الجديدة، وشرح كيفية توظيف الذكاء الاصطناعي في المهام العملية، ينجح في تحويل هذا الحذر إلى حماس، وهذا الارتباك إلى فهم، وهذا الفهم إلى مهارة يمكن تطبيقها فوراً في بيئة العمل.

إن الذكاء الاصطناعي لا يهدف إلى إلغاء دور الإنسان، بل إلى دعمه. فعندما يتم تدريب الموظفين على أدوات تحليل البيانات أو المساعدة في اتخاذ القرار، فهم لا يفقدون دورهم، بل يصبحون أسرع وأكثر دقة وأعلى قدرة على التركيز في المهام ذات القيمة. وهذا ما يجعل التدريب ضرورة وليس خياراً، لأنه هو الجسر الذي يربط بين الموظف وبين القدرة على الاستفادة من هذه التقنيات بدلاً من مقاومتها.

ويواجه المدرب اليوم تحدياً مختلفاً عن الماضي. فالمتدربون أصبحوا أكثر اطلاعاً وأعلى توقعاً، ويبحثون عن محتوى يقدم لهم حلولاً مباشرة. وهنا تأتي أهمية دمج الذكاء الاصطناعي في العملية التدريبية. فعلى سبيل المثال، يستطيع المدرب استخدام الذكاء الاصطناعي في تصميم حقائبه التدريبية، وقياس مستوى المتدربين، وتخصيص الأنشطة بما يناسب احتياجات كل فرد. كما يمكنه الاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي في إدارة النقاشات، قياس التفاعل، وتحليل نتائج البرامج بعد انتهاءها. كل هذه الاستخدامات ترفع جودة التدريب، وتُظهر للمتدربين أن التدريب ليس مجرد جلسة، بل رحلة تعلم مدروسة ومبنية على بيانات حقيقية.

كما يساعد الذكاء الاصطناعي المدرب نفسه على التطور المستمر. فعندما يمتلك المدرب القدرة على جمع معلومات دقيقة حول احتياجات السوق، أو متابعة الاتجاهات الجديدة في التدريب، فإنه يصبح أكثر قدرة على تقديم برامج واقعية تلامس الاحتياج الفعلي. وهذا أحد الفروق الجوهرية بين المدرب التقليدي والمدرب المواكب للتقنية: الأول يكرر المحتوى، والثاني يبني محتواه بناءً على تحليل متغيرات العمل.

لكن رغم كل هذه الفوائد، يبقى الجانب البشري أساس العملية التدريبية. فالمهارات مثل التحفيز، وإدارة الحوار، وخلق بيئة تعلم آمنة لا يمكن لأي تقنية أن تستبدلها. الذكاء الاصطناعي يقدّم دعماً، لكن جودة التدريب تبقى بيد المدرب وخبرته وقدرته على التواصل. ولذلك فإن أفضل صيغة اليوم ليست “التقنية مقابل الإنسان”، بل “الإنسان مع التقنية”.

وفي النهاية، يمكن القول إن مستقبل التدريب لن يعتمد على الذكاء الاصطناعي وحده، ولن يعود إلى الطرق التقليدية وحدها، بل سيقوم على دمج متوازن يتيح للمدرب أن يكون أكثر تأثيراً، وللمتدرب أن يكون أكثر استعداداً لسوق العمل المتغير. وكلما أسرعنا في تبني هذا الدمج، استطعنا أن نصنع تجارب تدريبية أقوى، ونتائج عملية أوضح، ومدربين قادرين على قيادة التغيير بدلاً من انتظار حدوثه.

 

المشاهدات 70   تاريخ الإضافة 2025/12/07   آخر تحديث 2025/12/07 - 16:05   رقم المحتوى 1625
أخبار مشابهة
تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 3589 الشهر 22605 الكلي 2155887
الوقت الآن
الإثنين 2025/12/8 توقيت الكويت
تصميم وتطوير