مجلة التدريب
www.Moias.org
القراءة المثمرة
القراءة المثمرة
كتاب اليوم
أضيف بواسطة RAWAN

نجد أن المتابع لتاريخ التطور الحضاري في الإسلام يلحظ مدى ارتباطه بالقراءة وحب العلم والشغف به. نتج عن ذلك كثرة العلماء والباحثين في مختلف الميادين؛ مما يلزمنا بالإيمان على أن الولع بالكتاب والعلم هو أحد الحلول المهمة للأزمة الحضارية للأمة الإسلامية. ويزداد هذا الإيمان رسوخًا بإلقاء نظرة على تجارب الأمم الصاعدة اليوم التي اعتمدت النهوض بالتعليم سبيلًا لتقدمها العام، والأمم الموصوفة بالتخلف لعدم امتلاكها بنية معرفية صحيحة.

 

التعلم مدى الحياة

هناك دواعٍ كثيرة تفرض على الإنسان التعلم واكتساب الخبرات مدى الحياة. منها:

– التقدم العلمي الذي يجعل الإنسان في حاجة شديدة إلى المعرفة؛ لأنه كلما زادت المعرفة اتسعت منطقة المجهول، والمثقف الذي يشعر بالاكتفاء بما يعلم وضع نفسه على شفا الانحطاط.

– ارتباط الرزق في هذا العصر في الغالب بما حصل الإنسان من علم.

– القدرة على الصمود والمنافسة في حل المشكلات.

– الاطلاع المتنوع هو سبيل التنصل من البرمجة الثقافية الضحلة.

– دوام الاطلاع والمتابعة سبيل لتجنب شيخوخة المعارف.

القراءة ومصادر المعلومات الأخرى

يعتبر هذا العصر عصر الانفجار المعرفي، لكن بعيدًا عن الكتاب، فجلُّ المعلومات مصدرها وسائل الاعلام  المختلفة، والوسائل المتطورة في حفظ ونقل المعارف والعلوم؛ مما جعل بعض المثقفين يشكون من هجر الكتاب، الذي انعكس على انخفاض نسبة طبع وتوزيع الكتاب في العالم الإسلامي، والاكتفاء بالمعلومات المتشظية من وسائل الإعلام. وهذا يعاكس متطلبات التطور العلمي والاجتماعي، وإن وفر نوعًا من الاستنارة العامة، ورفع درجة الوعي لدى الناس، يبقى الكتاب الوسيلة الأساسية للتثقيف الجيد.

من أجل القراءة

القراءة ليست مسألة كمالية ولا ترفيهية بل مسألة مصير؛ لأنها وسيلة لاكتساب المعرفة، وهذه من أهم شروط التقدم الحضاري، الذي يبدأ بخطوة توطين القراءة في حياتنا عامة، وذلك يتحقق بأمور:

  • دفع الناشئة إلى القراءة 
  •         تكوين عادة القراءة.
  •         توفير الكتاب.
  •         توفير الوقت للقراءة.
  •         تهيئة جو القراءة ويتحقق بتهيئة مكان جميل ومريح للدراسة، وتخصيص وقت للاستراحة.

لماذا نقرأ؟

يوجد ثلاثة أهداف للقراءة لدى معظم الناس، هي:

  •         القراءة من أجل التسلية وملء وقت الفراغ.
  •         القراءة من أجل الاطلاع على المعلومات.
  •         القراءة من أجل توسيع قاعدة الفهم.

 

أولًا: القراءة الاكتشافية

وتبدأ بقراءة مقدمة الكتاب، ثم قراءة فهرس الموضوعات، ثم الاطلاع على فهرس المصادر والمراجع، ثم قراءة ملخصات الكتب إن وجدت، قراءة بعض صفحات أو فقرات من الكتاب لمعرفة مستوى المعالجة في الكتاب.

ثانيًا: القراءة السريعة

تقوم فكرة القراءة السريعة على سرعة انتقال البصر من مساحة لأخرى؛ لالتقاط عدد من الرموز والإشارات وعدد أكبر من الوحدات الدلالية.

ثالثًا: القراءة الانتقائية

هي البحث عن الأفكار والمعلومات المتناثرة في غير مظانها، والتي تحتاج مسحًا سريعًا لعدد من النصوص؛ من أجل الاطلاع على أكبر عدد ممكن من الصفحات في وقت قصير.

رابعًا: القراءة التحليلية

لا تتحقق إلا بعد استحواذ القارئ على أكبر قدر ممكن من عطاءات الكتب التي يقرأها. وذلك يتحقق على النحو التالي:

  •         المثابره على القراءة 
  •         القارئ الجيد يتمتع بقابلية جيدة لاستيعاب الجديد.
  •         القدرة على الاستجابة لنبض العصر الثقافي ضرورة لمن يريد أن يقرأ قراءة مثمرة ينتفع بها.
  •         من المهم للقارئ الجيد أن يعرف كيف يتعامل مع الكتب التي عزم على قراءتها.

أنواع الكتب

  •         هناك كتب لا تقرأ دفعة واحدة كالمعاجم وشروح بعض المتون، بل يرجع إليها القارئ عند الحاجة فقط.
  •         هناك كتب تقرأ للتسلية؛ فلا تتطلب مهارات قرائية عالية ولا جهدًا للفهم.
  •         هناك كتب يجب قراءتها قراءة بطيئة وبتركيز جيد.
  •         كتب نادرة جدًا، لا ينضب محتواها كالقرآن الكريم بالنسبة للمسلمين؛ لذا يتطلب قراءته باستمرار.

 

مبادئ وقواعد

– مهمة الكاتب أن يوصل إلينا بعض المعاني والأفكار؛ مما ابتدعه أو اقتبسه من غيره.

– اللغة هي أداة التواصل الأساسية بين بني البشر؛ لذا على القارئ أن يكون على وعي تام بالمعنى اللغوي للمفردات التي يقرأها.

– معرفة المصادر والمراجع التي رجع إليها المؤلف، فمصادر أي باحث توجه مضامين بحثه.

– إن القراءة التحليلية الجيدة تعني نوعًا من التفلية للكتاب ونوعًا من التنظيم لمحتواه الداخلي من أجل استيعابه.

على القارئ طرح تساؤلات مهمة

– هل أنا من الشريحة التي يستهدفها المؤلف، ويوجه إليها خطابه؟

– ما الأفكار الأساسية التي أعطاها المؤلف جُلَّ عنايته؟

– ما الأفكار الهامشية التي مرَّ عليها بسرعة؟ أو أجمل القول فيها؟

– ما أهمية المعلومات التي قدمها الكاتب للقارئ، هل تتطلب نوعًا من التعديل في السلوك أو الفكر، وهل غيرت انطباعات سابقة لديه؟

– ومن الأسئلة المهمة سؤال القارئ نفسه: هل استوعب جُلَّ ما ورد في الكتاب؟

أدوات اختبار فهم القارئ لما قرأ

وليتأكد من ذلك هناك أدوات اختبار الفهم، منها:

1- الإتيان بالأمثلة والشواهد على الأفكار التي أثارها الكتاب؛ فكلما استطاع القارئ المجيء بأمثلة وصور أكثر كان ذلك دلالة على جودة استيعابه لما قرأه.

2- محاولة القارئ تلخيص ما قرأه في عبارات وفقرات محددة بأسلوبه الخاص. فالكاتب الجيد يقدم حلولًا لمشكلات مطروحة، وفي الوقت ذاته يثير إشكالات جديدة حول قضايا يظن أنها حسمت. ومهمة القارئ سؤال نفسه عن الأسئلة الجديدة التي طرحها الكاتب في القضايا التي أثارها في كتابه، وما مدى جدية تلك الأسئلة؟

الحوار مع الكاتب

المؤلف هو من يبدأ الحوار، هو من عليه إقناع القارئ أن كتابه يستحق القراءة والمناقشة والنقد. أما القارئ فعليه ألَّا يبدأ الحوار حتى يقرأ الكتاب ويفهمه جيدًا، فلا ريب أن الهدف من القراءة هو الارتقاء في معارج العلم والفهم.

في الساحة الثقافية نوعان من القرَّاء السيئين:

– القارئ المستسلم لأفكار الكاتب، وكأنها يقينيات.

– القارئ الذي همه الوحيد من وراء القراءة العثور على ثغرة أو هفوة.

وهذان النوعان ينبغي على الساحة الثقافية التخلص منهما؛ حتى يبلغ التدفق المعرفي غايته، وحتى لا تتشوه البنية المعرفية التي يشيدها كل من الكاتب والقارئ.

ومن أراد النقد عليه الالتزام ببعض النقاط؛ التي يجب أن تكون صحيحة وملموسة:

– كأنْ يقول القارئ: إن بعض المعلومات في الكتاب غير صحيحة.

– براهين الكاتب غير مقنعة.

– إن الكاتب أهمل عوامل أساسية أثناء معالجته لأفكاره مما جعلها ناقصة.

خامسًا: القراءة المحورية

القراءة المحورية؛ هي تلك القراءة التي تستهدف الوقوف على معلومات ومفاهيم تتعلق بموضوع معين؛ مما يجعل قراءة الكتاب كاملًا ليس هو الهدف، بل يكون المطلوب فصلًا أو بابًا أو صفحة فقط.

الخطوة الأولى في القراءة المحورية: الاطلاع على المصادر والمراجع التي تخدم الموضوع، ويتم معرفة ذلك من خلال مراجعة مسرد مراجع بعض الكتب، ومن خلال سؤال المختصين أو الباحثين في ذلك الموضوع.

الخطوة الثانية: قراءة الفصول والمقاطع اللصيقة بالموضوع، وينبغي أن تكون القراءة تحليلية.

الخطوة الثالثة: توزيع النصوص على الأسئلة التي بلورها، مما يظهر قدرة القارئ على الاستفادة مما بين يديه من المصادر.

 

إن الهدف من كتاب القراءة المثمرة مفاهيم وآليات؛ هو تعزيز الاهتمام بالفعل القرائي وتجويده، من خلال ذكر نماذج قرائية أرقى، تأخذ بيد القارئ إلى جودة الوعي والعلم والفهم.

المشاهدات 19   تاريخ الإضافة 2025/11/09   آخر تحديث 2025/11/09 - 21:03   رقم المحتوى 1577
أخبار مشابهة
تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 2573 الشهر 25989 الكلي 2071161
الوقت الآن
الأحد 2025/11/9 توقيت الكويت
تصميم وتطوير