مجلة التدريب
www.Moias.org
تحوُّلات‭ ‬التعليم‭ ‬فـي‭ ‬زمن‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الكورونا
تحوُّلات‭ ‬التعليم‭ ‬فـي‭ ‬زمن‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الكورونا
التدريب
أضيف بواسطة sa

اعداد‭: ‬ د. فهد ‬شخير المطيري
شهدت‭ ‬أنظمة‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬الجاري‭ ‬اضطراباً‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬بفعل‭ ‬جائحة‭ ‬الكورونا،‭ ‬فأغلقت‭ ‬معظم‭ ‬مدارس‭ ‬وجامعات‭ ‬العالم‭ ‬أبوابها‭ ‬أمام‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1‭.‬5‭ ‬مليار‭ ‬دارس،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ %‬90‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬الدارسين،‭ ‬وذلك‭ ‬بحسب‭ ‬أرقام‭ ‬حديثة‭ ‬صادرة‭ ‬عن‭ ‬معهد‭ ‬اليونيسكو‭ ‬للإحصاء‭. ‬وقد‭ ‬اتفق‭ ‬خبراء‭ ‬التعليم‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬التعليم‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الكورونا‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬كما‭ ‬قبله،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬ظهور‭ ‬بنية‭ ‬تحتية‭ ‬عالية‭ ‬الأتمتة‭ ‬باستخدام‭ ‬مُعطيات‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬الرابعة،‭ ‬وأنظمة‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬وأن‭ ‬ثمَّة‭ ‬تحوُّلات‭ ‬متوقَّعة‭ ‬سوف‭ ‬تكون‭ ‬كبيرة‭ ‬وهيكلية‭ ‬في‭ ‬أنماط‭ ‬التعليم،‭ ‬وأساليبه،‭ ‬وتوجهاته،‭ ‬وسياساته،‭ ‬ونظمه،‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬التعليم‭ ‬العام‭ ‬أو‭ ‬الجامعي،‭ ‬وقد‭ ‬بدأت‭ ‬بوادر‭ ‬هذه‭ ‬التحوّلات‭ ‬بالظهور‭ ‬فعلاً‭.‬

من‭ ‬أبرز‭ ‬تحوُّلات‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬كورونا،‭ ‬وقد‭ ‬بدأنا‭ ‬نتلمس‭ ‬بعضه،‭ ‬هو‭ ‬الاتجاه‭ ‬المُتصاعد‭ ‬بقوَّة‭ ‬نحو‭ ‬استخدام‭ ‬التقنيات‭ ‬المتقدِّمة،‭ ‬وإنشاء‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬البوابات‭ ‬والمنصَّات،‭ ‬لمختلف‭ ‬مراحل‭ ‬التعليم،‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أثبتت‭ ‬فاعليتها‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬شِدة‭ ‬الجائحة‭. ‬وأهم‭ ‬الأنماط‭ ‬الجديدة‭ ‬ذات‭ ‬البنية‭ ‬الرقمية‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬هي‭ ‬التالية‭:‬

•‭ ‬التعليم‭ ‬عن‭ ‬بُعد‭: ‬وقد‭ ‬استُخدم‭ ‬هذا‭ ‬النمط،‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬كبديل‭ ‬للتعليم‭ ‬التقليدي،‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬ظهور‭ ‬الجائحة‭. ‬ومن‭ ‬حيث‭ ‬نتائجه‭ ‬الإيجابية،‭ ‬كان‭ ‬مُبهراً‭ ‬للجميع‭. ‬إذ‭ ‬يقول‭ ‬أ‭. ‬د‭. ‬خالد‭ ‬الصالح،‭ ‬نائب‭ ‬مدير‭ ‬جامعة‭ ‬عجمان‭ ‬بدولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭: ‬‮«‬لقد‭ ‬كانت‭ ‬مُفاجأة‭ ‬سارة‭ ‬أن‭ ‬تواصل‭ ‬العمل‭ ‬بلا‭ ‬انقطاع،‭ ‬وعلى‭ ‬نحو‭ ‬أفضل‭ ‬مما‭ ‬توقعته‭ ‬معظم‭ ‬مؤسسات‭ ‬التعليم،‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬تقديم‭ ‬الدورات،‭ ‬واستجابة‭ ‬الطلاب،‭ ‬وتكيُّف‭ ‬أعضاء‭ ‬هيئات‭ ‬التدريس‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬النمط‭ ‬من‭ ‬التعليم،‭ ‬حتى‭ ‬حُضور‭ ‬الطلاب‭ ‬كان‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬واقع‭ ‬الحضور‭ ‬في‭ ‬فصول‭ ‬الدراسة‮»‬‭. ‬ويُشير‭ ‬روبرت‭ ‬جينكينز،‭ ‬مُدير‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬اليونسيف،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬بُذِلت‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الحكومات،‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬التلاميذ‭ ‬أثناء‭ ‬الإغلاق،‭ ‬كانت‭ ‬كبيرة‭ ‬ومُثمِرة،‭ ‬وصارت‭ ‬لدينا‭ ‬أدلَّة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬التعليم‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬تلاميذ‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يتم‭ ‬الوصول‭ ‬إليهم،‭ ‬عندما‭ ‬كانت‭ ‬المدارس‭ ‬مفتوحة

•‭ ‬التعليم‭ ‬الإلكتروني‭: ‬الذي‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬التعليم‭ ‬عن‭ ‬بُعد،‭ ‬والتعليم‭ ‬داخل‭ ‬الفصل‭ ‬الدراسي،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خِلال‭ ‬وسائل‭ ‬وآليات‭ ‬الاتصال‭ ‬الحديثة،‭ ‬من‭ ‬حاسبات‭ ‬وشبكات‭ ‬ووسائط‭ ‬مُتعدِّدة،‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬الصوت‭ ‬والصورة‭ ‬والرسومات،‭ ‬وآليات‭ ‬البحث،‭ ‬ومكتبات‭ ‬رقمية،‭ ‬بهدف‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الدارس‭ ‬بأقصر‭ ‬وقت،‭ ‬وبأقل‭ ‬جهد،‭ ‬وأكبر‭ ‬فائدة‭. ‬ومن‭ ‬المُتوقَّع‭ ‬أن‭ ‬يسود‭ ‬هذا‭ ‬النمط‭ ‬التعليمي،‭ ‬في‭ ‬مُعظم‭ ‬مؤسسات‭ ‬التعليم‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬خلال‭ ‬المستقبل‭ ‬المنظور،‭ ‬ومن‭ ‬أهم‭ ‬أشكاله‭ ‬ما‭ ‬صار‭ ‬يُعرف‭ ‬بالتعليم‭ ‬المُدمج،‭ ‬الذي‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬التعليم‭ ‬المُعزَّز‭ ‬بالتقنيات،‭ ‬والتعليم‭ ‬المباشر‭ (‬وجهاً‭ ‬لوجه‭)..‬

•‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭: ‬يتصاعد‭ ‬الاتجاه‭ ‬نحو‭ ‬اعتماد‭ ‬تقنيات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تعزيز‭ ‬التعليم‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت،‭ ‬وبرمجيات‭ ‬التعلُّم‭ ‬التكيفية،‭ ‬وأدوات‭ ‬البحث‭ ‬التي‭ ‬تُتيح‭ ‬للطلاب‭ ‬سُرعة‭ ‬التفاعل،‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬المعلومات،‭ ‬واكتساب‭ ‬المهارات‭.‬
وأفضت‭ ‬نتائج‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬الأكاديمية،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬استخدام‭ ‬التعليم‭ ‬التكيفي‭ (‬Adaptive Learning‭)‬،‭ ‬يفيد‭ ‬تقدُّم‭ ‬الطالب‭ ‬في‭ ‬مساره‭ ‬التعليمي،‭ ‬ويعزِّز‭ ‬التعليم‭ ‬النشط،‭ ‬ويساعد‭ ‬الطلاب‭ ‬المتعثرين،‭ ‬ويقيِّم‭ ‬العوامل‭ ‬المؤثرة‭ ‬في‭ ‬نجاح‭ ‬الطالب‭. ‬إلَّا‭ ‬أن‭ ‬الدمج‭ ‬الفعَّال‭ ‬لهذه‭ ‬التقنيات‭ ‬الجديدة،‭ ‬في‭ ‬المناهج‭ ‬الدراسية،‭ ‬يتطلّب‭ ‬التخطيط‭ ‬الجيّد،‭ ‬وتوفير‭ ‬الموارد‭ ‬اللازمة‭.‬
ويرتبط‭ ‬بنمط‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬أيضاً‭ ‬استخدام‭ ‬الروبوتات‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التعليم،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬اعتماد‭ ‬المؤسسات‭ ‬التعليمية‭ ‬للروبوتات‭ ‬في‭ ‬التدريس،‭ ‬يتزايد‭ ‬يوماً‭ ‬بعد‭ ‬آخر،‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬نجاح‭ ‬تجربة‭ ‬الروبوتات‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بتدريس‭ ‬اللغات،‭ ‬وكذا‭ ‬تدريس‭ ‬بعض‭ ‬المواد‭ ‬الأساسية،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬الصين،‭ ‬وبعض‭ ‬البلدان‭ ‬الإسكندنافية‭.‬
تحوُّلات‭ ‬في‭ ‬المدارس‭..‬والمناهج

عندما‭ ‬تتراجع‭ ‬شِدة‭ ‬الجائحة،‭ ‬وتبدأ‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬فتح‭ ‬مدارسها‭ ‬أمام‭ ‬الطلاب‭ - ‬وسيكون‭ ‬ذلك‭ ‬غالباً‭ ‬على‭ ‬مراحل‭ - ‬فإن‭ ‬ثمَّة‭ ‬تحوُّلات‭ ‬مُهمَّة‭ ‬سوف‭ ‬تطرأ‭. ‬إلَّا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التحوُّلات‭ ‬سوف‭ ‬تتباين،‭ ‬وفقاً‭ ‬للإمكانات‭ ‬المادية،‭ ‬والخطط‭ ‬التي‭ ‬تعتمدها‭ ‬كل‭ ‬دولة‭. ‬وسيشهد‭ ‬قطاع‭ ‬التعليم‭ ‬الأساسي‭ ‬أوضاعاً‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬العموم،‭ ‬من‭ ‬بينها‭:‬

•‭ ‬التباعد‭ ‬الاجتماعي‭: ‬حيث‭ ‬سيكون‭ ‬الولوج‭ ‬إلى‭ ‬الفصول‭ ‬الدراسية‭ ‬مُتدرجاً،‭ ‬وسيُراعي‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬مدروس‭ ‬مبدأ‭ ‬التباعد‭ ‬الاجتماعي‭. ‬فلا‭ ‬مُصافحات،‭ ‬ولا‭ ‬تقارب‭ ‬جسدي‭. ‬وستبقى‭ ‬الصداقات،‭ ‬والشبكات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وكثير‭ ‬من‭ ‬الأنشطة،‭ ‬مُعلَّقة‭.‬

•‭ ‬تعدُّد‭ ‬فترات‭ ‬الدوام‭ ‬داخل‭ ‬المبنى‭ ‬المدرسي‭ ‬الواحد‭: ‬فالحاجة‭ ‬إلى‭ ‬التباعد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بين‭ ‬الطلاب‭ ‬ستفرض‭ ‬عدداً‭ ‬أقل‭ ‬منهم‭ ‬داخل‭ ‬الفصل‭. ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬سيُصبح‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬أن‭ ‬تعمل‭ ‬المؤسسات‭ ‬التعليمية‭ ‬فترتين،‭ ‬وربما‭ ‬ثلاثاً‭ ‬كل‭ ‬يوم،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬المُكتظَّة‭ ‬بالطلاب‭. ‬وهذا‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬سوف‭ ‬يضع‭ ‬مزيداً‭ ‬من‭ ‬الضغوط‭ ‬على‭ ‬أعضاء‭ ‬هيئة‭ ‬التدريس‭ ‬والطاقم‭ ‬الإداري‭.‬

•‭ ‬تراجع‭ ‬الدراسة‭ ‬في‭ ‬الخارج‭: ‬حيث‭ ‬تأثَّرت‭ ‬كُل‭ ‬أشكال‭ ‬التعليم‭ ‬الدولي‭ ‬بالجائحة،‭ ‬وسيستمر‭ ‬ذلك‭ ‬لبعض‭ ‬الوقت‭ ‬على‭ ‬الأقل،‭ ‬ويمتد‭ ‬هذا‭ ‬التأثير‭ ‬إلى‭ ‬خطط‭ ‬الدراسة‭ ‬بالخارج،‭ ‬وبرامج‭ ‬التدريب،‭ ‬وتبادل‭ ‬الخبرات‭.‬

•‭ ‬اكتساب‭ ‬مهارات‭ ‬جديدة‭: ‬بعد‭ ‬قضاء‭ ‬شهور‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬المنزلي،‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬الإغلاق،‭ ‬أصبح‭ ‬الطلاب‭ ‬على‭ ‬معرفة‭ ‬أكبر‭ ‬بأدوات‭ ‬ووسائل‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬التعليم،‭ ‬مع‭ ‬تمتعهم‭ ‬بالقدرة‭ ‬الكافية‭ ‬على‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬دروسهم‭ ‬الخاصة،‭ ‬فلن‭ ‬يكونوا‭ ‬طلاباً‭ ‬يتعلَّمون‭ ‬الدروس‭ ‬الموجَّهة‭ ‬وفقاً‭ ‬للمناهج‭ ‬الدراسية‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬سيكتسبون‭ ‬أيضاً‭ ‬الخِبرات‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬التطبيقات‭ ‬الجديدة‭ ‬المتاحة،‭ ‬التي‭ ‬يمكنهم‭ ‬استخدامها‭ ‬للدراسة‭ ‬والتعلُّم‭.‬

•‭ ‬إعادة‭ ‬تعريف‭ ‬دور‭ ‬المُعلِّم‭: ‬وسيتغيَّر‭ ‬مفهوم‭ ‬دور‭ ‬المعلم‭ ‬باعتباره‭ ‬صاحب‭ ‬المعرفة،‭ ‬الذي‭ ‬يُضفي‭ ‬الحِكمة‭ ‬على‭ ‬طلابه،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬توسُّع‭ ‬دوائر‭ ‬ولوج‭ ‬الطلاب‭ ‬إلى‭ ‬الموارد‭ ‬المعرفية‭ ‬عبر‭ ‬نظم‭ ‬التعليم‭ ‬الرقمي،‭ ‬التي‭ ‬يتقلص‭ ‬فيها‭ ‬دور‭ ‬المعلِّم‭ ‬التقليدي‭.‬

•‭ ‬الحقيبة‭ ‬المدرسية‭ ‬ستُصبح‭ ‬أخف‭: ‬في‭ ‬المُتوسِّط،‭ ‬يحمل‭ ‬تلميذ‭ ‬في‭ ‬مدرسة‭ ‬هندية‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬3‭ ‬و8‭ ‬كيلوغرامات‭ ‬من‭ ‬الوزن‭ ‬كل‭ ‬يوم،‭ ‬عند‭ ‬ذهابه‭ ‬إلى‭ ‬المدرسة‭. ‬وعادة‭ ‬ما‭ ‬يحمل‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الكُتب‭ ‬الدراسية‭ ‬والمُفكِّرات،‭ ‬صندوق‭ ‬غذاء،‭ ‬وزجاجة‭ ‬ماء‭. ‬إن‭ ‬التوسُّع‭ ‬الذي‭ ‬طرأ‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬سيُساعد‭ ‬حتماً‭ ‬على‭ ‬التخلُّص‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬هذا‭ ‬الوزن،‭ ‬والواجبات‭ ‬المدرسية‭ / ‬المنزلية‭ ‬أيضاً‭ ‬ستتحرَّك‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬على‭ ‬الشبكة‭ ‬الرقمية‭.‬

وعلى‭ ‬مُستوى‭ ‬المناهج‭ ‬الدراسية،‭ ‬فإن‭ ‬تحوُّلات‭ ‬مهمة‭ ‬أيضاً‭ ‬سوف‭ ‬تفرض‭ ‬نفسها،‭ ‬لتواكب‭ ‬واقع‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الجائحة،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬ظهور‭ ‬برامج‭ ‬تعليمية‭ ‬جديدة،‭ ‬تتبنَّى‭ ‬الاستراتيجيات‭ ‬الذكية‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬المُحتويات‭ ‬التعليمية،‭ ‬عبر‭ ‬استخدام‭ ‬أحدث‭ ‬التطبيقات،‭ ‬التي‭ ‬تطوِّرها‭ ‬الشركات‭ ‬الناشئة،‭ ‬وكُبرى‭ ‬المؤسسات‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬التعليم‭.‬

فمن‭ ‬المعلوم‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬منظومات‭ ‬التعليم‭ ‬التقليدية،‭ ‬يتعلَّم‭ ‬الأطفال،‭ ‬من‭ ‬فئة‭ ‬عُمرية‭ ‬واحدة،‭ ‬المناهج‭ ‬نفسها‭ ‬تقريباً،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬اهتمامات‭ ‬كُل‭ ‬طفل،‭ ‬أو‭ ‬مهاراته‭ ‬الفردية‭. ‬إلَّا‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬المناهج‭ ‬الجديدة،‭ ‬وبفضل‭ ‬ما‭ ‬استُحدِث‭ ‬من‭ ‬بنية‭ ‬تحتية‭ ‬رقمية‭ ‬عالمية،‭ ‬سوف‭ ‬يُتاح‭ ‬للطلاب‭ ‬إمكانية‭ ‬الاختيار،‭ ‬والتعلُّم‭ ‬بالوتيرة‭ ‬التي‭ ‬تُناسبهم،‭ ‬والانتباه‭ ‬أكثر‭ ‬للأشياء‭ ‬التي‭ ‬يستمتعون‭ ‬بفعِلها‭.‬

يقول‭ ‬خبير‭ ‬التعليم‭ ‬الدولي‭ ‬ساندريب‭ ‬غويال‭: ‬‮«‬إن‭ ‬وجود‭ ‬قصور‭ ‬في‭ ‬فاعلية‭ ‬المنهج‭ ‬التقليدي‭ ‬‮«‬مقاس‭ ‬واحد‭ ‬يُناسب‭ ‬الجميع‮»‬،‭ ‬سوف‭ ‬يدفع‭ ‬نحو‭ ‬الاتجاه‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬تحليلات‭ ‬البيانات‭ ‬الضخمة‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬بشكل‭ ‬صحيح،‭ ‬ورُبما‭ ‬يُمكِّن‭ ‬من‭ ‬إنشاء‭ ‬تجارب‭ ‬تعلُّم‭ ‬شخصية،‭ ‬وهذا‭ ‬سيُساعد‭ ‬بدوره‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬التحديات،‭ ‬من‭ ‬خِلال‭ ‬تجربة‭ ‬تعليمية‭ ‬مُخصصة،‭ ‬تجعل‭ ‬لكُل‭ ‬طالب‭ ‬منهجاً‭ ‬فريداً‭ ‬تماماً،‭ ‬مُصمماً‭ ‬بالكامل‭ ‬وفقاً‭ ‬لقُدراته‭ ‬واحتياجاته‭ ‬الفردية‭. ‬وهذا‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬زيادة‭ ‬الحافزية‭ ‬لدى‭ ‬الطلاب،‭ ‬والتقليل‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬احتمالية‭ ‬التسرُّب،‭ ‬كما‭ ‬يُمكن‭ ‬أن‭ ‬يوفِّر‭ ‬أيضاً‭ ‬للمعلمين‭ ‬فهماً‭ ‬أفضل‭ ‬لعملية‭ ‬التعلُّم‭ ‬لكل‭ ‬طالب،‭ ‬والتدريس‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬فاعل‭..‬

وسيخضع‭ ‬الفحص‭ ‬والتصحيح‭ ‬للتغيير،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬مُعطيات‭ ‬ثورة‭ ‬التقنية‭ ‬الحديثة،‭ ‬ستُساعد‭ ‬المُعلِّمين‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬التقييم،‭ ‬وتتبُّع‭ ‬أداء‭ ‬كل‭ ‬طالب‭ ‬بملل‭ ‬أقل،‭ ‬ووضع‭ ‬الدرجات‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬عادل‭.. ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬المهام‭ ‬ستصبح‭ ‬بسيطة،‭ ‬مما‭ ‬سيتيح‭ ‬للمعلمين‭ ‬مزيداً‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬والجهد‭ ‬للتركيز‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬الدورة‭ ‬التعليمية‭ ‬وجودة‭ ‬التدريس‭ ‬وتطوير‭ ‬الكفاءة‭.‬

تم‭ ‬وضع‭ ‬نظاماً‭ ‬جديداً‭ ‬للدوام‭ ‬الدراسي،‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬قواعد‭ ‬رئيسة،‭ ‬أبرزها‭:‬
•‭ ‬تقسيم‭ ‬التلاميذ‭ ‬إلى‭ ‬مجموعات‭ ‬صغيرة،‭ ‬على‭ ‬ألا‭ ‬يحتكُّوا‭ ‬بغيرهم‭ ‬قدر‭ ‬المُستطاع‭.‬
•يقضي‭ ‬التلاميذ‭ ‬وقتهم‭ ‬في‭ ‬المدرسة،‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يُشبه‭ ‬الشرانق‭ ‬الافتراضية‭ ‬أو‭ ‬الطوق،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬عرضة‭ ‬للآخرين‭.‬
•تصل‭ ‬المجموعات‭ ‬الصغيرة‭ ‬من‭ ‬التلاميذ‭ ‬إلى‭ ‬مدارسها‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬مُختلفة‭ ‬من‭ ‬الصباح‭. ‬ويتناول‭ ‬التلاميذ‭ ‬الغداء‭ ‬مُنفصلين،‭ ‬ولا‭ ‬يُفارقون‭ ‬المناطق‭ ‬المُحددة‭ ‬لمجموعتهم‭. ‬وتتلقَّى‭ ‬كل‭ ‬مجموعة‭ ‬دروسها‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬مُعلِّم‭/‬ة‭ ‬واحد‭/‬ة‭.‬
•لا‭ ‬يزيد‭ ‬عدد‭ ‬التلاميذ‭ ‬في‭ ‬كُل‭ ‬مجموعة‭ ‬على‭ ‬12‭ ‬تلميذاً،‭ ‬وهو‭ ‬العدد‭ ‬المُناسب‭ ‬لمساحة‭ ‬حُجرة‭ ‬الدراسة،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬اشتراطات‭ ‬وقواعد‭ ‬التباعد‭ ‬الاجتماعي‭.‬
•اتجهت‭ ‬بعض‭ ‬المدارس،‭ ‬التي‭ ‬ليس‭ ‬لديها‭ ‬فصول‭ ‬كافية،‭ ‬إلى‭ ‬تنفيذ‭ ‬نظام‭ ‬الفترتين‭ (‬فترة‭ ‬صباحية،‭ ‬وفترة‭ ‬بعد‭ ‬الظهر‭).‬
•تم‭ ‬تخصيص‭ ‬فُسحة‭ ‬من‭ ‬الوقت،‭ ‬كُل‭ ‬فترة،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬غسل‭ ‬الأيدي‭.‬
•يستطيع‭ ‬المُعلِّم‭ ‬الذي‭ ‬لديه‭ ‬مُشكلة‭ ‬صحيَّة،‭ ‬أو‭ ‬لدى‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬أفراد‭ ‬أسرته،‭ ‬مواصلة‭ ‬التدريس‭ ‬باستخدام‭ ‬الإنترنت‭ ‬من‭ ‬البيت‭.‬
استشرافاً‭ ‬للمستقبل،‭ ‬يتجه‭ ‬التعليم‭  ‬نحو‭ ‬التوسُّع‭ ‬في‭ ‬الرقمنة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استخدام‭ ‬تطبيقات‭ ‬وبرامج‭ ‬التعليم‭ ‬المُتقدِّمة،‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬معطيات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭. ‬فقد‭ ‬فرضت‭ ‬تداعيات‭ ‬الجائحة،‭ ‬تعظيم‭ ‬هذا‭ ‬الجانب،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مواصلة‭ ‬سير‭ ‬العمليات‭ ‬التعليمية،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬تحقيق‭ ‬الحماية‭ ‬والأمان‭ ‬للطلاب‭. ‬وأن‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬تشكِّل‭ ‬منعطفاً‭ ‬جديداً‭ ‬لتطوير‭ ‬الأدوات‭ ‬والاستراتيجيات‭ ‬التعليمية،‭ ‬تزامناً‭ ‬مع‭ ‬استئناف‭ ‬الدراسة‭ ‬عن‭ ‬بُعد،‭ ‬لقد‭ ‬صار‭ ‬يُنظَر‭ ‬للتعليم‭ ‬الإلكتروني‭ ‬باعتباره‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬الخيارات‭ ‬المُستدامة‭ ‬للعملية‭ ‬التعليمية،‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬تعزيز‭ ‬جودة‭ ‬المُنتَج‭ ‬التعليمي‭.‬
ومن‭ ‬أهم‭ ‬مشروعات‭ ‬التعليم‭ ‬عند‭ ‬بُعد،‭ ‬قنوات‭ ‬عين‭ ‬للدروس‭ ‬التعليمية
واستُحدِثت‭ ‬إدارة‭ ‬عامة‭ ‬للتعليم‭ ‬الإلكتروني،‭ ‬لتكون‭ ‬المظلَّة‭ ‬الرسمية‭ ‬لمنظومة‭ ‬التعليم‭ ‬الإلكتروني‭ ‬الموحَّد،‭ ‬الذي‭ ‬سيستفيد‭ ‬منه‭ ‬المعلِّم،‭ ‬ويتصاعد‭ ‬دوره‭ ‬في‭ ‬التوجيه‭ ‬والإشراف‭ ‬على‭ ‬تعلُّم‭ ‬الطلاب،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬خَلق‭ ‬مواقف‭ ‬تعليمية،‭ ‬وأساليب‭ ‬تعلُّم‭ ‬حديثة‭.. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الطالب‭ ‬لا‭ ‬يبقى‭ ‬مُجرَّد‭ ‬مستمع‭ ‬أو‭ ‬متلقٍّ‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬سيكون‭ ‬مشاركاً‭ ‬بفاعلية‭ ‬أكبر،‭ ‬ومعتمداً‭ ‬على‭ ‬ذاته،‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المعلومات،‭ ‬وقادراً‭ ‬على‭ ‬تنمية‭ ‬مواهبه،‭ ‬مستفيداً‭ ‬من‭ ‬الأنشطة‭ ‬التعليمية‭ ‬المُختلفة،‭ ‬التي‭ ‬تُراعي‭ ‬الفروق‭ ‬الفردية‭ ‬بين‭ ‬المُتعلمين‭.‬

 

المشاهدات 2061   تاريخ الإضافة 2021/05/31   آخر تحديث 2024/05/18 - 02:46   رقم المحتوى 543
أضف تقييم
أخبار مشابهة
تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 389 الشهر 17447 الكلي 937446
الوقت الآن
السبت 2024/5/18 توقيت الكويت
تصميم وتطوير