لماذا ننام![]() |
| لماذا ننام |
|
كتاب اليوم |
أضيف بواسطة RAWAN |
“لماذا ننام” لماثيو ووكر، وهو كتاب علمي في علم الأعصاب والبيولوجيا، يشرح النوم بوصفه عملية حيوية أساسية ينظّم بها الدماغ والجسم نفسيهما. الكاتب عالم أعصاب مختص في النوم، وكل ما في الكتاب مبني على تجارب مخبرية ودراسات طويلة المدى.
الكتاب يتكلم عن أن النوم ليس حالة خمول أو راحة فقط، بل حالة نشطة جدًا يعمل فيها الدماغ بكثافة أعلى أحيانًا من اليقظة. أثناء النوم، خصوصًا في المراحل العميقة، يبدأ الدماغ بترتيب الذكريات، فيقرر ما يجب الاحتفاظ به وما يجب نسيانه، ويعيد تخزين المعلومات بطريقة أكثر كفاءة. يوضح الكاتب أن التعلم لا يكتمل عند الدراسة، بل يكتمل أثناء النوم، لأن الدماغ لا يثبت الذكريات الجديدة إلا بعد أن يمر بدورات نوم كاملة. ويعبّر عن هذه الفكرة بقوله: “ النوم هو أكثر شيء فعال يمكننا القيام به يوميًا لإعادة ضبط صحة الدماغ والجسم “
يتوسع الكتاب في شرح كيف يؤثر الحرمان من النوم على الدماغ مباشرة. نقص النوم يقلل من نشاط الفص الجبهي المسؤول عن التفكير المنطقي واتخاذ القرار، ويزيد في المقابل من نشاط اللوزة الدماغية المرتبطة بالخوف والانفعال. لهذا يصبح الإنسان سريع الغضب، سيئ التقدير، ومندفعًا عندما لا ينام كفاية. الكاتب يبيّن أن الإنسان المحروم من النوم يظن أنه يعمل بشكل طبيعي، بينما القياسات العصبية تثبت العكس تمامًا. ويشير إلى هذه المفارقة بقوله إن الدماغ المتعب هو آخر من يلاحظ تعبه.
ينتقل الكتاب بعدها إلى العلاقة بين النوم والجسم، موضحًا أن النوم ينظّم الهرمونات، ويضبط الشهية، ويحافظ على صحة القلب والمناعة. قلة النوم ترفع هرمون الجوع وتقلل هرمون الشبع، لذلك يرتبط الأرق بزيادة الوزن. كما أن النوم القصير المزمن يزيد من خطر السكري وأمراض القلب والجلطات. يوضح الكاتب أن جهاز المناعة يعتمد على النوم لتجديد خلاياه، وأن الجسم أثناء النوم يحارب الالتهابات ويصلح التلف الخلوي. ويقول في هذا السياق: “ كلما قصر نومك ، قصر عمرك “
كما يناقش الكتاب دور النوم في الصحة النفسية، حيث يشرح أن النوم يساعد الدماغ على معالجة المشاعر الصعبة وتخفيف حدتها. خلال نوم حركة العين السريعة، يعيد الدماغ استرجاع الذكريات المؤلمة ولكن بدون الشحنة الانفعالية المصاحبة لها، مما يساعد على التكيّف النفسي. وعندما يُحرم الإنسان من هذه المرحلة من النوم، تتراكم الصدمات الصغيرة، ويزداد خطر الاكتئاب والقلق. النوم هنا ليس علاجًا نفسيًا، لكنه شرط أساسي لسلامة التوازن العصبي.
في الجزء الأخير من الكتاب، يوضح الكاتب أن المجتمع الحديث يعادي النوم دون أن يشعر. الإضاءة الصناعية، الشاشات، والعمل الليلي كلها تخلخل الساعة البيولوجية التي تطورت عبر ملايين السنين. الدماغ لا يفهم السهر القسري على أنه اختيار، بل يفسّره كخلل مزمن. ويؤكد أن الحل ليس في “تعويض النوم” في نهاية الأسبوع، لأن النوم لا يُخزَّن ولا يُسدَّد دينه لاحقًا، بل يجب أن يكون منتظمًا ومستمرًا.
الكتاب في مجمله رسالة علمية واضحة: النوم ليس رفاهية ولا وقتًا ضائعًا، بل عملية بيولوجية لا يمكن استبدالها أو التحايل عليها. أي اختصار فيه له ثمن عصبي وجسدي تراكمي، حتى لو لم نشعر به فورًا. |
| المشاهدات 15 تاريخ الإضافة 2025/12/23 آخر تحديث 2025/12/23 - 07:26 رقم المحتوى 1653 |
أخبار مشابهة