لابد من التواضع للعلم![]() |
| لابد من التواضع للعلم |
|
المجتمع |
أضيف بواسطة NOOR |
اعداد: الدكتور : حسن البواردي العازمي هل يمكن لإنسانٍ مهما بلغ علمه أن يعرف كل شيء؟ وهل يستطيع الطبيب أو المهندس، أو حتى العالم الكبير، أن يحيط بكل العلوم؟ وماذا يحدث عندما يظن الإنسان أنه أعلم الناس؟ وهل يختبره الله أو البشر ليذكّروه بحدود معرفته؟ هذه الأسئلة تقودنا إلى حقيقة عظيمة… وهي أن العلم بحرٌ لا ساحل له، وأن الإنسان مهما بلغ علمه تبقى جهالاته أكثر مما يعرف. في بداية الأمر، لا يستطيع أي إنسان—مهما بلغ من العلم—أن يدّعي أنه يعرف كل شيء. ومن أعظم الأمثلة على ذلك قصة سيدنا موسى عليه السلام مع الخضر. كما رُوي عن الرّسول -صلى الله عليه وسلّم-في قوله: “قَامَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَسُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فقال: أنا أَعلَمُ. قال: فَعَتَبَ اللّه عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ؛ فَأَوْحَى اللّه إِلَيْهِ أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ”. رواه البخاري. وهكذا دلّه الله على الخضر، ليتعلم منه علمًا لم يكن يعلمه. وقد اختلف العلماء هل الخضر نبي أم ولي، ولكن المؤكد أنه أوتي علمًا خاصًا ليعلّم موسى درس التواضع. ومن القصص التي تُظهر هذا المعنى أيضًا قصة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما حين أراد ملك الروم أن يختبر علمه، ويحرجه أمام قومه. في يوم من الأيام، وصل إلى مجلس معاوية رسولٌ يحمل كتابًا مختومًا من ملك الروم. فتح معاوية الكتاب، فإذا فيه مجموعة من الأسئلة الغريبة التي لم تُطرح من قبل، وكُتبت بصياغة متعمدة لإحداث الحيرة: • ما أفضل الكلام؟ • من أكرم الخلق على الله؟ • من أكرم الإماء؟ • من هم الأربعة الذين لم تحمل بهم الأرحام؟ • ما هو القبر الذي سار بصاحبه؟ • ما هي المجرة؟ • وما القوس؟ • وما هو المكان الذي طلعت عليه الشمس مرة واحدة فقط؟ نظر معاوية في الأسئلة، وتوقف طويلاً… ثم قال بصدق وتواضع: “لستُ أدري ما هذه الأشياء، وما علمي بها.” لم يخجل، ولم يتظاهر بالمعرفة. بل أدرك أن هناك من هو أعلم منه. فقال لمن حوله: “ابعثوا بهذه الأسئلة إلى ابن عباس.” فمن غيره؟ وهو حَبْر الأمة، وترجمان القرآن، وأكثر الناس علمًا بالتأويل. وصلت الأسئلة إلى ابن عباس، فأخذ يكتب الإجابات واحدةً واحدة، بثبات وثقة ومعرفة عميقة: • أفضل الكلام: لا إله إلا الله. وتليها سبحان الله وبحمده، ومن ثم الحمدلله و الله أكبر. • أكرم الخلق على الله: آدم عليه السلام. • أكرم الإماء: مريم عليها السلام. • الأربعة الذين لم تحمل بهم الأرحام: آدم، حواء، كبش إسماعيل، عصا موسى التي صارت ثعباناً. • القبر الذي سار بصاحبه: بطن الحوت الذي حمل يونس. • المجرة: باب من أبواب السماء. • القوس: أمان لأهل الأرض من الغرق. • المكان الذي طلعت عليه الشمس مرة واحدة: شقّ البحر لبني إسرائيل مع موسى عليه السلام. أُرسلت الأجوبة من جديد إلى ملك الروم. ولما قرأها، قال مندهشًا: “ما خرجت هذه الأجوبة إلا من رجل من أهل بيت النبوة.” وبهذا ظهر: • تواضع معاوية وعدم ادعائه للعلم. • علم ابن عباس العظيم. • وأن العلم الحقيقي ليس في كثرة الكلام، بل في معرفة قدر النفس وردّ العلم إلى أهله.
|
| المشاهدات 79 تاريخ الإضافة 2025/12/12 آخر تحديث 2025/12/12 - 17:43 رقم المحتوى 1634 |
أخبار مشابهة